تفسير الآيات من الآية [26] إلي الآية [29] من سورة البقرة

تفسير الآيات من الآية [26] إلي الآية [29] من سورة البقرة
197 0

الوصف

 [ تفسير سورة البقرة، الآيتان: 26، 27 ]

 ﴿۞إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۘ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ٢٦ ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ٢٧

روى السدي في تفسيره عن ابن عباس وابن مسعود، وعن ناس من الصحابة  لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين، يعني قوله تعالى :

﴿مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا وقوله : ﴿ أَوۡ كَصَيِّبٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ الآيات الثلاث [ ۲۰-۱۷] قال المنافقون: الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال، فأنزل الله هو الآية إلى قوله تعالى : ﴿هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ٢٧

 وقوله تعالى: ﴿فَمَا فَوقَهَاأي ما هو أكبر منها لأنه ليس شيء أحقر ولا أصغر من البعوضة . روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتب له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة» (4) فأخبر أنه لا يستصغر شيئا يضرب به مثلا ولو كان في الحقارة والصغر كالبعوضة، كما لا يستنكف من ضرب المثل بها ، كما ضرب المثل بالذباب والعنكبوت في قوله : ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ  شَيۡا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ٧٣ [الحج: ۷۳] وقال : ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتٗاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ٤١ [العنكبوت: 41] وقال تعالى :

﴿أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا كَلِمَةٗ طَيِّبَةٗ كَشَجَرَةٖ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٞ وَفَرۡعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ٢٤ تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۢ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ٢٥ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٖ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٖ٢٦ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّٰلِمِينَۚ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ٢٧ [إبراهيم: 24-27] وقال تعالی:

﴿۞ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا عَبۡدٗا مَّمۡلُوكٗا لَّا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ... الآية [النحل: 75]،

ثم قال : ﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ  ... الآية [النحل: 76]، كما قال : ضَرَبَ لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ [الروم: ۲۸] .

 وقال مجاهد في قوله تعالى : ﴿ ۞إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ  الأمثال صغيرها وكبيرها يؤمن بها المؤمنون، ويعلمون أنها الحق من ربهم، ويهديهم الله بها. روى السدي في تفسيره عن ابن عباس وابن مسعود وعن ناس من الصحابة ﴿ يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا  يعني به المنافقين، ويهدي به المؤمنين، فيزيد هؤلاء ضلالة إلى ضلالتهم لتكذيبهم بما قد علموه حقا يقينا من المثل الذي ضربه الله بما ضرب لهم، وأنه لما ضرب له موافق، فذلك إضلال الله إياهم به. ﴿ وَيَهْدِي بهِ يعني المثل ﴿ كَثِيرٗا من أهل الإيمان والتصديق، فيزيدهم هدى إلى هداهم، وإيمانا إلى إيمانهم، لتصديقهم بما قد علموه حقا يقينا أنه موافق لما ضربه الله له مثلا، وإقرارهم به، وذلك هداية من الله لهم به ﴿ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦٓ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقِينَ قال : هم المنافقون.

  [ تفسير سورة البقرة، الآيتان: ۲۸]

والفاسق في اللغة هو الخارج عن الطاعة، وتقول العرب: فسقت الرطبة : إذا خرجت من قشرتها . ولهذا يقال للفأرة فويسقة لخروجها عن حجرها للفساد. وثبت في الصحيحين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الغراب والحداة والعقرب والفأرة والكلب العقور " .

فالفاسق يشمل الكافر والعاصي، ولكن فسق الكافر أشد وأفحش، والمراد به في الآية الفاسق الكافر، والله أعلم بدليل أنه وصفهم بقوله تعالى : ﴿ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ٢٧

وهذه الصفات صفات الكفار المباپنه لصفات المؤمنين كما قال تعالى في سورة الرعد ﴿۞أَفَمَن يَعۡلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰٓۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ١٩ ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ ٱلۡمِيثَٰقَ٢٠ وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ٢١

الآيات،إلى أن قال : ﴿ وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ٢٥

[الرعد: 19-25] والعهد الذي وصف هؤلاء الفاسقين بنقضه، هو : وصيه الله إلى خلقه، وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معصيته ، في كتبه وعلى لسان رسله ، ونقضهم ذلك هو تركهم العمل به .

 

[المراد بالخسران]

وقال مقاتل بن حيان في قوله تعالى:﴿ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ قال : في الآخرة. وهذا كما قال تعالى :﴿ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوٓءُ ٱلدَّارِ٢٥ [الرعد: 25] وقال الضحاك عن ابن عباس : كل شيء نسبه الله إلى غير أهل الإسلام من اسم مثل خاسر، فإنما يعني به : الكفر، وما نسبه إلى أهل الإسلام، فإنما يعني به: الذنب.

﴿كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ٢٨ يقول تعالى محتجا على وجوده وقدرته وأنه الخالق المتصرف في عباده : ﴿كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ أي كيف تجدون وجوده أو تعبدون معه غيره ﴿وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ

[ تفسير سورة البقرة، الآية : ۲۹ ]

 أي وقد كنتم عدما فأخرجكم إلى الوجود، كما قال تعالى :﴿ أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ٣٥ أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ٣٦

[الطور: 35، 36] وقال تعالى:﴿ هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡئا مَّذۡكُورًا١ [الإنسان: ۱] والآيات في هذا كثيرة، وقال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس : ﴿وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ

أمواتا في أصلاب آبائكم لم تكونوا شيئا حتى خلقكم، ثم يميتكم موتة الحق، ثم يحييكم حين يبعثكم، قال : وهي مثل قوله تعالى : ﴿أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ [غافر : ۱۱)

 

[بداية الخلق]

وتفصيل هذه الآية في سورۃ حم السجدة وهو قوله تعالى: قل أنكم لتكفون الذي خلق الأرض في يومين وتعلون له أندادا ذلك رب العلمين ﴿۞قُلۡ أَئِنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِي يَوۡمَيۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ٩ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ١٠ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ١١ فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَاتٖ فِي يَوۡمَيۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفۡظٗاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ١٢ [فصلت: ۹-۱۲]

 ففي هذا دلالة على أنه تعالی ابتدأ بخلق الأرض أولا، ثم خلق السموات سبعا، وهذا شأن البناء أن يبدأ بعمارة أسافله ثم أعاليه بعد ذلك، وقد صرح المفسرون بذلك كما سنذكره بعد هذا  إن شاء الله فأما قوله تعالى

﴿ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا٢٧ رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا٢٨ وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا٢٩ وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ٣٠ أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا٣١ وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا٣٢ مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَ لِأَنۡعَٰمِكُمۡ٣٣  [النازعات: ۲۷-۳۳]

 

[ خلقت الأرض قبل السماوات ]

وقال مجاهد في قوله تعالى : ﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا قال: خلق الله الأرض قبل السماء، فلما خلق الأرض ثار منها دخان، فذلك حين يقول: ﴿ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ [فصلت : ۱۱]

﴿فَسَوَّىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖۚ قال : بعضهن فوق بعض، وسبع أرضين يعني بعضها تحت بعض". وهذه الآية دالة على أن الأرض خلقت قبل السماء، كما قال في آيات سورة السجدة الماضية. فهذه وهذه دالتان على أن الأرض خلقت قبل السماء .

[دحيت الأرض بعد خلق السماوات ]

وفي صحيح البخاري أن ابن عباس سئل عن هذا بعينه فأجاب بأن الأرض خلقت قبل السماء، وأن الأرض إنما دحيت بعد خلق السماء). وكذلك أجاب غير واحد من علماء التفسير قديما وحډيثا، وقد حررنا ذلك في سورة النازعات، وحاصل ذلك أن الدحي مفسر بقوله تعالی :

﴿وَٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ دَحَىٰهَآ٣٠ أَخۡرَجَ مِنۡهَا مَآءَهَا وَمَرۡعَىٰهَا٣١ وَٱلۡجِبَالَ أَرۡسَىٰهَا٣٢

ففسر الدحي بإخراج ما كان مودعا فيها بالقوة إلى الفعل، لما أكملت صورة المخلوقات الأرضية ثم السماوية دحی بعد ذلك الأرض، فأخرجت ما كان مودعا فيها من المياه، فنبتت النباتات على اختلاف أصنافها وصفاتها وألوانها وأشكالها، وكذلك جرت هذه الأفلاك فدارت بما فيها من الكواكب الثوابت والسيارة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

[الفوائد التربوية]

  • 1-المؤمِن لا يمكن أن يُعارِض ما أنزل الله عزَّ وجلَّ بعقله؛ لقوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ .
  • 2-أنَّ إضلال مَن ضَلَّ راجع إلى وجود العِلَّة التي كانت سببًا في إضلال الله العبد؛ لقوله تعالى: وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الفَاسِقِينَ .

 3- في قوله تعالى:﴿ ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ [البقرة: 27]، التَّحذير من نقْض عهد الله من بعد ميثاقِه؛ لأنَّ ذلك يكون سببًا للفِسق .

 

                             [الفوائد العلميَّة واللَّطائف]

  • في قوله تعالى ﴿۞إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ دلالةٌ على رحمة الله تعالى بعبادِه حيث يُقرِّر لهم المعاني المعقولة بضَرْب الأمثال المحسوسة؛ لتتقرَّرَ تلك المعاني العظيمة في عقولِهم .
  • أنَّ القياس حُجَّة؛ لأنَّ كلَّ مَثَل ضربه الله في القرآن، فهو دليلٌ على ثبوت القياس .
  • إثبات الرُّبوبيَّة الخاصَّة؛ لقوله تعالى: مِنْ رَبِّهِمْ .
  • أنَّ دَيدنَ الكافرين الاعتراضُ على حُكم الله، وعلى حِكمة الله؛ لقوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا .
  • كثرة الضُّلَّال وكثرة المهديِّين، بالنَّظر إلى كلِّ واحد من القبيلين على حدة، لا بالقياس إلى مُقابليهم؛ فإنَّ المهديِّين قليلون بالإضافةِ إلى أهل الضَّلال، كما قال تعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ.
  • أنَّ الموت يُطلَق على ما لا رُوحَ فيه، وإن لم تسبقْه حياةٌ .
  • أنَّ الجنين لو خرَج قبل أن تُنفَخ فيه الرُّوح، فإنَّه لا يثبت له حُكم الحيِّ؛ ولهذا لا يُغَسَّل، ولا يُكفَّن، ولا يُصلَّى عليه، ولا يَرِث، ولا يُورث .
  • أنَّ الأصل الحِلُّ في كلِّ ما في الأرض من أشجار، ومياه، وثمار، وحيوان، وغير ذلك؛ وهذه قاعدة عظيمة، وتمَّ تأكيدُ هذا العموم بقوله تعالى: جَمِيعًا
  • كمال خَلْق السَّموات؛ لقوله تعالى: فسوَّاهنَّ .

 في قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ إثباتُ الأفعالِ لله تعالى، كالاستواءِ.

مرفق بصيغة بي دي إف
مرفق بصيغة وورد